انطلاق الانتخابات الألمانية.. يوم الحسم
انطلق التصويت في الانتخابات التشريعية الألمانية الـ20 منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وسط سباق مفتوح على الفوز بالأكثرية.
وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها في تمام الثامنة صباحا بالتوقيت المحلي على أن تغلق في الـ6 مساء، وتعلن أول نتائج استطلاعات الفوز بعد دقائق من انتهاء التصويت.
ويتنافس 6211 مرشحًا، بينهم 2024 امرأة، يمثلون 47 حزبا سياسيا، على 598 مقعدا في البرلمان الفيدرالي الألماني، في الانتخابات التشريعية، التي تكتب نهاية عصر المستشارة أنجيلا ميركل التي تولت السلطة في البلاد 16 عاما متواصلة.
وسيدلي في هذه الانتخابات 60.4 مليون ألماني بأصواتهم، إما عن طريق البريد أو الاقتراع الاعتيادي في مراكز الانتخابات.
ومن المتوقع أن يصوت ما يقرب من نصف الناخبين عن طريق البريد، في رقم قياسي، وفق صحيفة "بيلد" الألمانية.
وقبل أيام، قال المتحدث باسم الحكومة، شتيفن زايبرت، إن ميركل "تستخدم هذه المرة وسائل التصويت عبر البريد"، ما يعني أن المستشارة اختارت البعد عن الأضواء في يوم الانتخابات.
وتجري انتخابات البرلمان الألماني "البوندستاج" وفق نظام مختلط يجمع بين القائمة النسبية المفتوحة والمقاعد الفردية.
وينص القانون الألماني على تكليف رئيس البلاد، مرشح الحزب الفائز بالأكثرية، لمنصب المستشار، بتشكيل الحكومة الجديدة بعد الانتخابات، وبالتالي يصبح هذا الفائز تلقائيا رأس الحكومة.
وعادة، تقدم الأحزاب التي تتصدر المراكز الثلاثة الأولى في استطلاعات الرأي في العام الذي يسبق الانتخابات، مرشحا للمستشارية، لأنها هي التي تملك فرصة الفوز الفعلية بالأكثرية.
وفي انتخابات البوم، يوجد 3 مرشحين للمستشارية، وهم: أرمين لاشيت، مرشح الاتحاد المسيحي الحاكم، وأولاف شولتز مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وأنالينا بربوك مرشحة حزب الخضر.
وكشف استطلاع رأي نشرته صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه" مساء الجمعة، تصدر الاشتراكي الديمقراطي بقيادة شولز سباق الانتخابات بـ26% من نوايا التصويت، بفارق نقطة واحدة فقط عن الاتحاد المسيحي الحاكم بقيادة أرمين لاشيت بـ25% من نوايا التصويت، ما يجعل سباق حكم ألمانيا ساخنا ومفتوحا على كل التوقعات.
وجاء حزب الخضر "يسار" في المرتبة الثالثة بـ16%، والحزب الديمقراطي الحر "يمين وسط" في المرتبة الرابعة بـ10.5%، ثم حزب البديل لأجل ألمانيا بـ10%، فحزب اليسار بـ5%.
ولا تشارك ميركل في الانتخابات اليوم بعد قرارها الطوعي بالتقاعد بنهاية الفترة التشريعية الحالية، منهية 16 عاما من حكم أقوى اقتصاد في أوروبا.
مخاوف من تدخلات
تزايدت التحذيرات الألمانية أخيراً لروسيا من الوقوف وراء الهجمات السيبرانية التي زادت وتيرتها قبيل الانتخابات، والتي يستشف منها وجود نوايا مبيتة لعرقلة عملية التصويت أو التأثير عليها، وربطت برلين عمل هذه الجماعات بالاستخبارات العسكرية الروسية. وهناك قلق لدى المسؤولين من أن يتم تسريب البيانات ونشر المعلومات من خلال عمليات قرصنة إلكترونية، وربما يتم استغلال ذلك لإثارة التفرقة وتشويه سمعة السياسيين الذين يشغلون مناصب حسّاسة والتشكيك بنزاهة الانتخابات أو توجيه عمليات التصويت. وبحسب "بيلد"، فإن المؤشرات الأولية تفيد بأنه قد يتم استخدام البيانات بعد الانتخابات، وربما حتى خلال مفاوضات التحالف الحكومي المقبل، من خلال الإشارة أو التصويب على الخصم السياسي بطريقة مهينة.
مغازلة المهاجرين
يحق لملايين الأشخاص من أصول مهاجرة من حاملي الجنسية الألمانية، والممثلين تمثيلاً ناقصاً في البرلمانات وقضاياهم مهمشة، بالتصويت في الانتخابات البرلمانية العامة، لكن لا يعرف مدى التعاطف السياسي لدى القليل منهم، مع حزب بعينه. وإزاء ذلك، تحاول بعض الأحزاب حالياً كسب ودّهم ولو بطريقة متفاوتة وعلى درجات، وتحفيزهم على التصويت، إذ يمكن أن يكون لهم تأثير حاسم على الانتخابات، خصوصاً أن الفارق بين الاشتراكي المتصدر والاتحاد المسيحي لا يتخطى نسبة 3 في المائة. ومن المعلوم، أن هناك 7.4 ملايين ناخب من أصول مهاجرة يحق لهم التصويت في هذه الدورة الانتخابية، أي ما نسبته 12 في المائة من جميع الناخبين، وهم يمثلون إمكانيات كبيرة للأحزاب السياسية.
وحيال ما تقدم، أبرز موقع "ماغازين" أخيراً، أنه يمكن للناخبين من أصول مهاجرة أن يؤثروا بشكل كبير على توزيع المقاعد في البوندستاغ الألماني، مشيراً إلى أن دراسة حديثة أجرتها "مواطنون من أجل أوروبا"، وهي منظمة مجتمع مدني مقرها برلين، تفيد بأن الألمان من أصول أجنبية يحق لهم التصويت في 167 دائرة انتخابية من أصل 299، أي حوالي 56 في المائة من الدوائر. علاوة على ذلك، توقعت المنظمة تأثيراً متزايداً إضافياً بسبب التطور الديمغرافي ومعدلات التجنيس. وحالياً، يتحدر حوالي ربع السكان الألمان من أصول مهاجرة وترتفع نسبتهم بين الأطفال والمراهقين، وفي مدن مثل فرانكفورت وميونخ ونورمبرغ تبلغ نسبة الشباب منهم 60 في المائة. وفي برلين وحدها، هناك حوالي 690 ألف شخص تزيد أعمارهم عن 18 عاماً، غير حاصلين على الجنسية الألمانية.
وعن عدم اكتراث الأجانب للانتخابات بشكل عام، أبرزت الدراسة أن نقص التمثيل ينعكس على عدم إعطاء الأولوية لمواضيع مجتمع الهجرة في الحملات الانتخابية، على الرغم من أن العديد من تحالفات ومنظمات المجتمع المدني قد طورت مفاهيمها في هذا الإطار وقدّمت توصيات، إلا أنه لم يتم التصويب عليها ومناقشتها خلال الحملة الانتخابية. واعتبر معدو الدراسة، أنه ربما يكون هذا أحد الأسباب التي تجعل المهاجرين يتعاطفون بشكل أقل مع الأحزاب. كما أبرزت نقطة أخرى عن استنكاف الناخبين الأجانب، وهي عدم تمثيل السكّان من أصول مهاجرة في البوندستاغ، فهناك فقط 8.2 في المائة من أعضاء البرلمان الاتحادي من أصول مهاجرة، بل إنه في البلديات تصل النسبة إلى ما بين 2 و5 في المائة فقط من أصول أجنبية. وحالياً، فإنه من أصل 709 نواب في البوندستاغ، هناك 58 نائباً من أصول أجنبية، ناهيك عن عدم وفاء الأحزاب بالوعود للمهاجرين، ما أثر على حماسة هذا الناخب بالمشاركة في الانتخابات. وخلصت الدراسة إلى أهمية جمع البيانات حول توزيع الناخبين من أصول مهاجرة، لأنهم قد يكونون قيمة مضافة لاي حزب في أي انتخابات.
إلى ذلك، ووفق دراسة صادرة عن مؤسسة كونراد إيدنهاور، فإن "الأنماط الثابتة" في عملية الانتخاب هدأت نسبيا، مع الحراك السياسي الذي تعيشه ألمانيا وتحسين العديد من الأحزاب الصغرى لحضورها، مشيرة إلى أن الناخبين من أكبر ثلاث مجموعات مهاجرة في ألمانيا، أي من أصول تركية (2.8 مليون ناخب) وبولندية (2.2 مليون) وروسية (1.4 مليون)، بدّلوا قناعاتهم، وبات العديد من الناخبين الروس يصوتون للحزب اليميني الشعبوي "البديل من أجل ألمانيا"، فيما أولئك الذين يتحدرون من أصول تركية باتوا بأكثريتهم يوالون حزب ميركل، بعدما كانوا لسنوات كتلة ناخبة للحزب الاشتراكي الديمقراطي. أما حزب الخضر، فاستفاد من الناخبين البولنديين، لكن من المتوقع أن يتم التقييم الفعلي للتحول الجديد بعد الانتخابات. في السياق، قالت الباحثة في العلوم الاجتماعية سابرينا ماير، إنه من الثابت والأكيد أن العلاقات الحزبية آخذة في التدهور، ويتم اتخاذ القرارات بناء على المواضيع والقضايا وما يهم الناخب، بدلاً من التصويت للحزب كما كان سابقاً.
تجدر الإشارة إلى أن هناك 9 مرشحين بارزين من أصول عربية للانتخابات العامة، بينهم خمس نساء هن: المرشحة عن حزب الخضر الباحثة في الدراسات الإسلامية والمتحدرة من أصول سورية، لمياء القدور، المرشحة عن حزب اليسار من أب مصري، أميرة محمد علي، وهي نائبة رئيس كتلة حزبها في البوندستاغ، وعن الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحقوقية سناء عبدي (35 عاماً)، هي من أم مغربية وأب ألماني، إلى المرشحة ياسمين عطية ذات الأصول المصرية والمنتمية إلى حزب الخضر، فضلا عن نهى الشريف (39 عاما) والمتحدرة من الصومال ودرست العلوم السياسية. يضاف إليهن 4 مرشحين هم: محمد رفيق طويل (68 عاماً) عن الحزب الماركسي اللينيني، وأيمن ذبيان من أصول لبنانية أيضاً، وهو مرشح مستقل، والمرشح عن حزب اليسار من أصول يمنية علي الدليمي (39 عاما)، إلى أصغر المرشحين إلى البوندستاغ عن حزب الخضر، وهو أنس القرعان (18 عاما) من أصول أردنية.

تعليقات
إرسال تعليق
اترك لنا تعليق لنتحاور بعقل وليفهم كل منا الاخر (شكرا علي تعليقك)